RSS

تحية لكم!

24 أكتوبر

تُرى هل كان عمال حفر الأنفاق يعلمون؛ وهم يقطعون الحجارة السوداء الصماء القاسية في نهاية النفق المظلم المبتل الجدران بفعل مياه الجداو الباردة المتساقطة لباطن الأرض، هل كانوا يعلمون انهم لا يشقون نفقاً لسكة القطار إنّما يشقون نفقاَ في التاريخ بأفعالهم؟
تُرى هل كان سيتغير شعور أحدهم من الاحساس بعدم القيمة والدونية إلى الاحساس بفخر صناعة التاريخ وتخليد فعله في سجل الفخر الى الأبد؟
هل كان سيتغير شعورهم لو رأو وجوه الملاين اللذين استفادوا من خط القطار هذا؟.
لو علم أحدهم أن القطار اللذي ساهم هو بشق طريقه على طول الجزيرة الخضراء أقل غائبا لاهله، وأوصل الفتيات إلى السوق لتساعدن صديقتهن لتتبضع لحفل زفافها القريب، ورسم الدهشة على وجوه الأطفال في تلك الرحلة المدرسية اللتي طبعت في ذواكر الأطفال سعادة يتذوقون رحييقها في ما تبقى من حيواتهم.
لو كان يعلم أن قطاره سينقل سائحاً من أقاصي الأرض يعجب بعمله ويكتب عنه، لو كانوا يعلمون أن حفيداً من أحفادهم سيفاخر بأفعالهم وأنه سيقول لي: صحيح أن البريطانيين هم من قاموا بالإشراف على خط القطار هذا لكن أجدادنا هم من حفروه بأيديهم، أليس ذلك رائع يا سيدي!

إلى عمال حفر الأنفاق في سيريلانكا تحية لأكفكم المتشققة اللتي إمتلئت شقوقها بالطين، ولأكتافكم اللتي نقشت عليها أثار الحبال، وإلى أضافر أقدامكم العارية اللتي ملئت تجاويفها بالحصى الأسود القاتم، تحية لأعينكم اللتي إلتهبت واحمرت بفعل الديناميت، وإلى ضحكاتكم داخل النفق على ضوء الشموع، وإلى فترات الاستراحة والغداء خارج الأنفاق بين الأشجار وتحت المطر
تحية لكل لعناتكم اللتي ألقيتم بها على المستعمرين البريطانين خلف ضهورهم
تحية بعد مئتان وخمسون عاماً لم تزد أعمالكم إلا مزيداً من الهيبة…
تحية لكم، أنتم عظماء…
التوقيع: نقطة (ضاد) من أرض العرب!

IMG_1790.JPG

 
أضف تعليق

Posted by في أكتوبر 24, 2014 بوصة Uncategorized

 

أضف تعليق