RSS

Tag Archives: قصة قصيرة

حسن في بلاد العجائب!

فتح حسن عينيه قليلاً محاولاً السيطرة على نور الشمس الذي كاد أن يخترق بؤبؤ عينيه ، لم تفلح محاولاته فمد بكفه ووضعه أمام عينيه في محاولة منه لحجب ذلك الضوء الساطع القادم من الأعلى، استطاع حسن وبعد اللحظات التي قضاها في اغماض عين وفتح اخرى من ان يفتح عينيه بالكلية، 

-ياللهول ما كل هذا الضوء ؟ هل تبدوا الشمس أكبر هنا أم أنني أتخيل؟ وهذه الحرارة الحارقة يا إلهي أين أنا؟ 

 حاول حسن تركيز كل طاقاته الذهنية في محاولة تذكر كيف وصل الى هنا، وصرخ في تضرع

” يا إلهي لا تقل لي أنني ذهبت إلى الجحيم”

يبدوا المكان شبيها بكوكب المريخ تضاريسه الصحراوية جافة المعالم وخطوط رمادية غامقة تقسم التضاريس القاحلة إلى ما يشبه المربعات الكبيرة وعلى امتداد البصر تتوزع جبال الإسمنت تتوزع بأطوال متفاوتة ، 

تبادر إلى حسن أنه رأى ما يشبه المخلوق الحي يتهادى في السراب كان مخلوقاً عجيباً بأذنين حمراويتين تلعب بهما الريح فتحركهما في إتجاهات عشوائية، إقترب المخلوق من حسن ومد يده وحط بها على كتف حسن، وتمتم بأصوات غريبة كان يخرجها من مؤخرة حلقه غليضة الوقع على طبلة الأذن، 

لم يستطع حسن إغلاق عينيه التي توسعت كما لم يسبق لهما في حياته  لا يجاريها في الاتساع الا فمه الذي فتح على مصراعيه في محاولة لإطلاق صرخه استغاثة حبست داخل قلبه الذي ومن هول الموقف تجمد ليبعث ببرد الموت إلى أطراف جسمه فشَلٓ حركتها وترك حسن واقفاً بلا قدرة على الحراك كصنم!

سحب المخلوق يده بعد ان أدرك علامات الرعب على وجه حسن وبدأ بإصدار صوت شبيه بذلك الذي نصدره عند محاولتنا تهدئه حصان هائج وبدأ يشير بيده للأسفل ، أفلحت محاولات المخلوق في إعادة بعض الاتزان إلى عقل حسن الذي ألقى بنفسه على الأرض وشرع بلهفة في استنشاق أكبر كمية ممكنه من الهواء.

 عاد حسن لينظر الى المخلوق بعد أن إلتقط أنفاسه وأمعن النظر فيه، 

لم يبد مختلفا كثيرا، لكن وجهه كان مليئاً بالحزن المخيف عاقد الحاجب على الدوام ، يبدوا انه مخلوق بدائي، هذا ما تبادر الى ذهن حسن بعد أن رأى عيني المخلوق الغائرتين نحو الداخل قليلا المغطاة بطبقة لامعه تشبه رغوة الصابون، لم يكن يعرف حقيقة  ما اذا كان هذا مخلوقاً بدائياً لكنه احس بذلك، شيئ أشبه ما يكون بالحاسة السادسة جعلته يشعر بذلك ،شيئ ما في عيني ذلك المخلوق جعلته يبدوا غبياً، افتقد تلك الحده التي تجدها في أعين المخلوقات المُتَمَدِنة ذلك النور الذي يشع من عيني المتعلم، 

سرعان ما اكتشف حسن ان افضل طريقة للتواصل مع المخلوق هي عن طريق حركات اليد وتعبيرات الوجه لكن هذا المخلوق لا يبدوا انه قادر على التعبير بوجهه كثيرا يكتفي غالباً برفع شفته العليا قليلا وعقد حواجبه باسطا كفه أمام وجهه ليمنع أشعة الشمس من الوصول الى  عينه، 

أشار المخلوق بيده الى حسن أن أتبعي فتبعه حسن يتلفت يمنة ويسرة فلا يرى إلا جبال الإسمنت ذات الأحجام المختلفة متشابهة الطراز تتوزع على جانبي الطريق ، انتبه حسن الى ان هذه الجبال تحتوي في وسط كل منها على بوبات بأشكال غريبة  وصناديق تخترق الجبال وتتوزع بنمط منتظم مصدرة أصوات أزيز “يبدوا أن هذه الجبال مأهولة” قالها حسن لنفسه دون ان يستطيع صوته المنخفض إخفاء الغرابة والتعجب الذي إعترى نبرته، 

أصاب حسن في ضنه فسرعان ما لاحظ مخلوقات اخرى مشابهة لذلك المخلوق الذي يمشي أمامه مشية غريبة يسحب فيها قدمه على الارض دون إن يرفعها حقيقة، مخلوقات تدخل الجبال الأسمنتية وتخرج منها وتتجول على قارعة الطريق بملل متشابهة تقريبا ويكاد يكون اكثر ما يجمع بينها تلك النظرة المستغربة التي يرمقون بها حسن دون أن يحاولوا إخفائها بتاتاً، 

وصل حسن برفقة المخلوق الى جبل إسمنتي صغير  صرخ أمامه المخلوق: “ياورعأخرجلعنبوهالوجهجبتلكواحديتكلمانجليزي” لتفتح مرآة حفرت داخل الجبل الإسمنتي ويخرج منها إنسان قريب الشبه بنا كثيرا، أشار له المخلوق بيده فخرج بعد وقت قصير من بوابة الجبل الإسمنتي، إقترب الإنسان من حسن وخاطبه بلغة استطاع حسن تميزها وإن كانت غليظة هي الأخرى، “مرحباً بك في بلد الإسمنت اللعين” قال الانسان، 

لم يتمالك حسن نفسه وبادر بالسؤال ماذا تقول؟ أين أنا؟ ومن هذه 

المخلوقات المتشابهة؟ وما بلد الإسمنت اللعين؟

 
أضف تعليق

Posted by في جوان 1, 2014 بوصة محاولات أدبية

 

الأوسمة: , ,

سيجارة!

جلسَ في غرفته التي تعج برائحة الدخان وأعاقب السجائر المحترقة التي تناثرت حتى غطت مساحات الغرفة الكئيبة، في كل زواية وحيثما أشَحتَ ببصرك ستقع عيناك على بقايا السجائر والرماد، لم يكن يعترف كثيرا بطفايات السجائر، كان يجوب ارجاء غرفته تائها في بحار أفكاره المتلاطمة يضرب بسبابته سيجارته فيهوي منها الرماد على الأرض كأنه مجموعة من ريش مخلوق أسطوري صغير، كان يقلي بالسيجارة بعدما يمتص منها كل ما أمكن امتصاصه ويقلي بها كيفما اتفق أو يطفئها أحيانا في اي جسم صلب قريب التناول على يده، دائماً ما يبدوا له السرميك الذي يغطي الأرضية مناسبا لدفن رأس الزهرة المشتعة

لم يكتف بهذا بل تعداه لما هو أكثر من ذلك، فإنه وخلال فترات سجنه الإنفرادي الذي إختار مجبراً أن يسجن نفسه بين جدرانه باهتة اللون اعتاد أن يتقمم أعقاب السجائر المطفئة اللتي تتناثر حولة بغزارة ليفتت ما بداخلها من بقايا التبغ شبه المحروق ويجمع منه كمية مناسبة يلفها في ورق الشام المتوفر بغزارة أيضاً ليصنع سيجارة يحب أن يسميها “سيجارة القرف” يستخدمها عندما لا تتوفر لديه النقود لشراء علبة سجائر جديدة او عندما تفرغ علبته ويعلم انه لن يتمكن من شراء علبة اخرى بسبب إقفال المحلات ليلا، كان يحب الليل كثير ونادرا ما ينام الليل، يعتبر أن لليل قدسة غريبة المعالم

ومع شراهتة المفزعة بالتدخين كان لا يشتري الا علبة سجائر واحدة، ليس بسبب نقص النقود، وان كان ذلك عذراً وجيها ينطبق عليه تماماً، لكنه وعلى مدار السبعة أعوام التي عاشها كشخص مدخن لم يقتنع ابدا انه انسان مدخن مدمن سجائر، كان يشتري علبة واحدة فقط كلما احتاج لذلك ويقول لنفسه هذه اخر علبة سجائر أشربها في حياتي

جلس في غرفته على حافة سريره المهترئ البطانة المليئ بالبقع، النفاث الرائحة، تلك الرائحة التي لم يعد أنفه يميزها بعد ان اعتاد عليها دهرا، ينظر حوله ويحملق في ملابسه المغبرة الملقاة بلا بترتيب في كل مكان تقريبا، يملؤها الغبار وآثار أحذيته التي طبعت عليها بشكل أشبه ما يكون بالفوضى الخلاقة، يتنفس الصعداء ويقول “لابد أن أغير حياتي. اريد أن أتغير ولكن كيف؟ مالذي يجب أن أفعله؟ أي الطرق يجب أن أسلك؟ وماهي الأهداف التي سأجعل حياتي تتمحور حولها؟ من أنا؟ وماذا يجب أن أكون؟ ولماذا يجب أن أكون أصلا؟ اه يا الله ساعدني.

يمسك بجهازه اللوحي الذي قضى قرابة العامين يجمع النقود لشراءه وبعد ان تمكن من ذلك مباشرة انخفض سعر الجهاز بعد أن طرحت الشركة طرازا اكثر حداثة، لكنه وعلى اي حال أمسك بجهازه وطبع عليه هذه الكلمات.

٢٠١٤٠٤٢٠-١٥٥٤٠٨.jpg

 
تعليق واحد

Posted by في أفريل 20, 2014 بوصة قصة قصيرة, محاولات أدبية

 

الأوسمة: , , ,